Skip links
أبحاث التسويق

بحوث التسويق : مفهومها وأنواعها وأبرز المشكلات والحلول

تصور أنك تقود سفينة ضخمة في محيط واسع، ووجهتك غير مؤكدة، والرياح تتلاعب بمسارك، فهل ستُبحر دون خريطة أو بوصلة؟

بالتأكيد لا.

نفس الشيء ينطبق على عالم التجارة الحديث حيث تعد أبحاث التسويق بمثابة تلك الخريطة والبوصلة التي توجهك نحو تنمية وإنجاح نشاطك التجاري، فهي الأداة السحرية التي تتيح للتجار فهم السوق، وتحديد احتياجات العملاء، وكذلك تحديد الفرص والتحديات، والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية.

لنستكشف المقصود بمصطلح أبحاث التسويق وأهم الأنواع والخطوات الأساسية لإجراء البحوث السوقية، مع تسليط الضوء على أبرز المشكلات وحلولها العملية. ولنبدأ بالتعريف.

ما هي بحوث التسويق Marketing Research؟

تشير أبحاث التسويق أو بحوث التسويق إلى عملية جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالسوق والمستهلكين والمنتجات والخدمات بهدف فهم متطلبات السوق واتجاهاته وتفضيلات العملاء، والعمل على تقييم مدى فاعلية استراتيجيات التسويق، واتخاذ قرارات تسويقية مدروسة لتحقيق الأهداف المنشودة.

ولا تهدف أبحاث التسويق لفهم السوق المستهدف وتحليل المنافسين والمستهلكين فحسب، بل إنها بمثابة بوابة لاستكشاف المستقبل وصياغة استراتيجيات تنافسية مبتكرة اعتمادًا على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة للحصول على رؤى دقيقة حول تفضيلات المستهلكين وأنماط الشراء، ومراقبة أداء العلامة التجارية ومقارنة أدائها مع المنافسين، بما يسهم في اتخاذ إجراءات تصحيحية سريعة عند الحاجة للحفاظ على النمو المستدام وتعزيز القيمة التنافسية.

ولبحوث التسويق خصائص متعددة نتناولها بالفقرة الآتية.

قارن أسعار أكثر من ٢٠ شركة شحن وتوصيل في السعودية!

أهم خصائص بحوث التسويق

تتضمن البحوث التسويقية خصائص عديدة تشمل:

  • التوجيه لتحقيق أهداف محددة، فهي لا تُجرى عشوائيًا، بل تهدف إلى جمع معلومات تساعد في فهم سلوك العملاء، وتقييم فاعلية الحملات الإعلانية، وتحليل السوق لتحديد فرص جديدة للنمو، ومن ثم المساهمة في اتخاذ قرارات تسويقية مدروسة لتحقيق أهداف متنوعة كزيادة قاعدة العملاء، أو تعزيز حركة المبيعات.
  • المنهجية العلمية الشاملة في جمع وتحليل البيانات، حيث تجمع بين استخدام أساليب بحثية مثل الاستبيانات، والمقابلات، والمراقبة، والاستفادة من التقنيات التحليلية كالإحصاء، لتحليل البيانات بصورة دقيقة ومنهجية.
  • الفاعلية، فعلى الرغم من أن بحوث التسويق قد تكون مكلفة، إلا أن الفوائد التي تحققها عادةً ما تفوق التكاليف. فالقدرة على اتخاذ قرارات مدروسة بناءً على بيانات دقيقة، تساعد الأنشطة التجارية في توفير مبالغ كبيرة عبر تحسين الكفاءة وتجنب الأخطاء المكلفة.
  • الدقة والمصداقية، فالبيانات المجمعة لا بد وأن تكون موثوقة وقابلة للتحقق، وأن تكون النتائج قابلة للتكرار، ما يتطلب الاعتماد على أدوات بحثية متطورة، واستخدام عينات تمثيلية، وتحليل البيانات بصورة موضوعية.
  • التركيز على العميل، حيث تركز بحوث التسويق بصفة أساسية على فهم احتياجات وتفضيلات وسلوكيات العملاء، ما يسهم في مساعدة الأنشطة التجارية على تطوير منتجات وخدمات تلبي احتياجات السوق بصورة أفضل، وتحسين تجربة العملاء واكتساب رضاهم.
  • التكامل مع الاستراتيجيات العامة للشركة، فالنتائج التي يتم الحصول عليها من أبحاث التسويق تساعد في توجيه القرارات الاستراتيجية مثل تحديد الأسعار، وتطوير المنتجات، وتخصيص الموارد.
  • الاستمرارية، فهي ليست عملية تُجرى لمرة واحدة فقط، بل تحتاج الأنشطة التجارية إلى جمع وتحليل البيانات بصفة دورية لمواكبة التغيرات في السوق وتحديث استراتيجياتها بناءً على المعلومات الجديدة.
  • التنوع في أساليب جمع وتحليل البيانات بما يشمل البحوث الأولية مثل الاستبيانات والمقابلات، والبحوث الثانوية مثل تحليل البيانات الموجودة والتقارير السابقة، لضمان شمولية ودقة النتائج.
  • الاستفادة من التقنيات الحديثة بصورة كبيرة، فاستخدام الأدوات الرقمية مثل قواعد البيانات الضخمة، والتحليل التنبؤي، والذكاء الاصطناعي، يساهم في تحسين دقة وسرعة تحليل البيانات، وتقديم رؤى أكثر عمقًا.

ولعلك تتساءل:

ما الفرق بين بحوث السوق وبحوث التسويق؟

توجد العديد من الفوارق والاختلافات بين أبحاث التسويق وأبحاث السوق ومنها:

الهدف:

  • تهدف بحوث السوق (Market Research) إلى جمع وتحليل البيانات حول السوق بأكمله لفهم حجم السوق، والنمو المتوقع، والتوجهات، والمنافسين، والفرص المتاحة.
  • تهدف بحوث التسويق (Marketing Research) إلى التركيز على جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالأنشطة التسويقية للشركة بهدف تحسين استراتيجيات التسويق والترويج، وفهم سلوك المستهلكين، وتطوير المنتجات.

نطاق الدراسة:

  • تركز أبحاث السوق على السوق بوجه عام بما يتضمن تحديد حجمه، وتحليل التوجهات، وفهم العوامل الديموغرافية والجغرافية، إلخ.
  • تركز أبحاث التسويق على الأنشطة التسويقية للمؤسسة بما يشمل تحليل سلوك المستهلكين، وتقييم فعالية الحملات التسويقية، ودراسة استجابة السوق للمنتجات الجديدة، وتحسين استراتيجيات التسعير والترويج.

الأساليب المستخدمة:

  • تعتمد بحوث التسويق على مجموعة من الأساليب المختلفة لجمع البيانات مثل مجموعات التركيز (Focus Groups)، والاستبيانات والاستطلاعات، والبيانات الاجتماعية، إلخ.
  • تعتمد بحوث السوق على الدراسات الاستقصائية، وتحليل البيانات الثانوية (مثل التقارير والنشرات الاقتصادية)، والدراسات التجريبية.

النتائج:

  • بحوث السوق توفر معلومات شاملة عن حجم السوق المحتمل، والتوجهات والتغيرات، والتهديدات والفرص، والبيئة التنافسية.
  • أبحاث التسويق توفر معلومات محددة حول تفضيلات المستهلكين وسلوكياتهم، وفاعلية الحملات التسويقية، وردود الفعل على المنتجات والخدمات الحالية، واستراتيجيات التسعير المثلى.

ونشير إلى أن مصطلح بحوث التسويق أشمل من بحوث السوق، إذ يعد الأخير جزءًا أصيلًا من الأول، فبحوث التسويق تشمل مجموعة واسعة من الأنشطة التي تهدف إلى جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالسوق والعملاء والمنتجات والمنافسين، بينما تركز بحوث السوق بصفة رئيسية على جمع وتحليل البيانات المتعلقة بسوق معين أو شريحة محددة من السوق.

وعليه فإن أبحاث التسويق تعد بمثابة مظلة واسعة تشمل تحتها عدة أنواع من البحوث، بما يتضمن بحوث السوق، والتي تساهم جميعها في تزويد الشركات بالمعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات تسويقية مستنيرة وتحقيق نجاح أكبر في السوق.

أهم أنواع بحوث التسويق الأساسية

تعد بحوث التسويق الأساسية جزءًا حيويًا من استراتيجية الشركات لفهم السوق والمستهلكين بصورة أفضل عبر جمع وتحليل المعلومات حول السوق، والمنافسين، والبيئة التجارية المحيطة بوجه عام بهدف تزويد الشركات بالبيانات والمعلومات التي تمكنها من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المنتجات والخدمات التي تقدمها.

وتنقسم بحوث التسويق الأساسية إلى:

  • أبحاث التسويق الأولية

وهي المعنية بجمع البيانات الجديدة والمباشرة من المصادر الأساسية عبر طرق مختلفة مثل الاستبيانات، والمقابلات الشخصية، ومجموعات التركيز، والمراقبة الميدانية، والتجارب العملية بهدف الحصول على معلومات دقيقة ومخصصة تتعلق بموضوع البحث، بما يسهم في فهم السلوكيات، والاحتياجات، والتوجهات الفعلية للعملاء في السوق المستهدف. فعلى سبيل المثال، يمكن لشركة ما استخدام الاستبيانات لقياس مدى رضا العملاء عن منتج معين أو لمعرفة تفضيلاتهم بشأن ميزات جديدة للمنتج.

وتتميز البحوث الأولية بأنها توفر بيانات حديثة ومحددة تلبي الاحتياجات الفورية للأنشطة التجارية، مما يمكنها من اتخاذ قرارات مستنيرة حول استراتيجيات التسويق، وتطوير المنتجات، وتحديد الأسعار. ورغم أن هذه البحوث قد تكون مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً، إلا أن الفوائد التي تحققها من حيث الدقة والملاءمة تجعلها استثمارًا ذو قيمة عالية.

  • أبحاث التسويق الثانوية

وهو نوع آخر من البحوث السوقية التي تعتمد على تحليل البيانات والمعلومات التي تم جمعها مسبقًا من قِبَل مصادر أخرى، بدلًا من جمع البيانات مباشرةً من السوق أو الجمهور المستهدف. وتُستخدم هذه البحوث لتقديم رؤى وتحليلات تعتمد على البيانات الموجودة بالفعل، مثل التقارير الحكومية، والدراسات الأكاديمية، والإحصائيات العامة، والبيانات المتاحة عبر الإنترنت، والتقارير الداخلية للشركات.

وتهدف البحوث التسويقية الثانوية إلى توفير وقت وجهد الباحثين، حيث يمكنهم الوصول إلى معلومات قيمة دون الحاجة إلى إجراء دراسات ميدانية مكلفة ومعقدة. وتفيد أبحاث التسويق الثانوية في المراحل الأولى من البحث التسويقي، حيث تُستخدم لتكوين فهم عام للسوق المستهدف أو لمشكلة معينة، فضلًا عن تحديد الفجوات في المعلومات التي قد تستدعي إجراء بحوث أولية أكثر تخصصًا.

  • بحوث التسويق الاستنتاجية

وهو نوع آخر من أنواع بحوث التسويق التي تهدف إلى استنتاج أو استخلاص المعلومات من خلال البيانات المتاحة بدلًا من الاعتماد على جمع بيانات جديدة للتوصل إلى استنتاجات والتنبؤ بالسلوك المستقبلي للمستهلكين والسوق.

أحد أهم مميزات بحوث التسويق الاستنتاجية أنها تكون أقل تكلفة وأسرع من بحوث التسويق الأولية التي تتطلب جمع بيانات جديدة، كما أنها تسمح للشركات باستخدام البيانات والمعلومات المتاحة لديها بصورة أكثر فاعلية واتخاذ قرارات تسويقية أكثر استنارة وموضوعية بناءً على تحليل البيانات المتاحة.

اشحن طلباتك الآن مع أكثر من ٢٠٠ شركة بأسعار مخفضة

أنواع بحوث التسويق المتعلقة بالبيئة التجارية المحيطة

تشكل أبحاث التسويق المتعلقة بالبيئة التجارية المحيطة أداةً حيوية لفهم العوامل الخارجية التي تؤثر على النشاط التجاري، مثل الاتجاهات الاقتصادية، والتطورات التكنولوجية، والتغيرات الاجتماعية والثقافية، والسياسات الحكومية، والمنافسة في السوق.

فمن خلال تحليل هذه الجوانب، يمكن للشركات اتخاذ قرارات استراتيجية مستنيرة، وتحسين منتجاتها وخدماتها، وتطوير خطط تسويقية تتماشى مع التغيرات الديناميكية المحيطة، ما يساعدها على تحقيق الاستدامة والنجاح في بيئة الأعمال المتقلبة.

وتندرج تحت هذا النوع فروع متعددة من الأبحاث التسويقية تشمل:

  • بحوث السوق: وهو فرع متعلق بفهم السوق المستهدف، وحجمه، وتجزئته، والاتجاهات السائدة فيه، إضافةً إلى تحديد الفرص والتهديدات المحتملة.
  • بحوث المستهلكين: وهو المعني بفهم سلوك المستهلكين، واحتياجاتهم، وتفضيلاتهم، والعوامل المؤثرة في اتخاذ قرار الشراء لديهم، مما يساعد على تطوير منتجات وخدمات تلبي تطلعاتهم.
  • بحوث المنافسين: وهو فرع آخر يتعلق بتحليل المنافسين المباشرين وغير المباشرين بما يتضمن استراتيجياتهم، ونقاط قوتهم وضعفهم، مما يساعد على تحديد مجالات التفوق وتجنب الأخطاء.
  • بحوث البيئة الاقتصادية: وتعنى بالتركيز على تحليل العوامل الاقتصادية مثل النمو الاقتصادي، ومعدلات التضخم، والبطالة، والدخل، ومدى تأثيرها على النشاط التجاري.
  • بحوث البيئة الاجتماعية والثقافية: والمعنية بالتركيز على تحليل الاتجاهات الاجتماعية والثقافية، مثل القيم الاجتماعية، والعادات، وأسلوب الحياة، وتأثيرها على سلوك المستهلكين وأنماطهم الشرائية.
  • بحوث البيئة القانونية والسياسية: والمتعلقة بفهم القوانين والتشريعات والسياسات الحكومية التي تؤثر على النشاط التجاري كقوانين الضرائب، والتجارة، وحماية المستهلك.

أنواع أخرى من بحوث التسويق وفقًا للأهداف المرادة

تتنوع أبحاث التسويق التي تُجرى وفقًا للأهداف المرادة منها إلى:

  • بحوث التسويق الاستكشافية أو الاستطلاعية

وهي نوع من البحوث التي تُستخدم لفهم مشكلة أو قضية ما بصورة أعمق وأكثر تفصيلًا قبل الشروع في بحوث أكثر تخصصًا ودقة. وعادةً ما يتم استخدام هذا النوع من البحوث عندما تكون المشكلة غير واضحة المعالم أو عندما تكون المعلومات المتاحة قليلة أو غير موثوقة.

وتشمل هذه النوعية من أبحاث التسويق الأساليب النوعية مثل المقابلات المتعمقة، ودراسات الحالة، والاستطلاعات غير المنظمة بهدف جمع معلومات أولية تساعد على تحديد نطاق المشكلة وتوجيه البحوث المستقبلية في الاتجاه الصحيح.

وتتميز بحوث التسويق الاستكشافية بمرونتها وقدرتها على التكيف مع الظروف المختلفة، مما يسمح للباحثين بتعديل استراتيجياتهم وأساليبهم وفقًا للمعلومات الجديدة التي يتم اكتشافها، بما يفيد في الكشف عن رؤى غير متوقعة ويتيح للشركات فهمًا أعمق لاحتياجات العملاء وسلوكياتهم.

وعلى الرغم من أن النتائج المستخلصة من بحوث التسويق الاستكشافية قد لا تكون قابلة للتعميم على نطاق واسع، إلا أنها توفر أساسًا قويًا للبحوث الكمية المستقبلية وتساعد على صياغة فرضيات دقيقة يمكن اختبارها بصورة أكثر واقعية.

  • بحوث التسويق السببية

يهدف هذا النوع من أبحاث التسويق إلى فهم العلاقة السببية بين المتغيرات المختلفة من خلال التركيز على تحديد تأثير متغير مستقل معين (مثل حملة تسويقية أو تعديل في سعر المنتج) على متغير تابع (مثل حجم المبيعات أو رضا العملاء) والتحكم في كافة العوامل المختلفة لضمان أن أي تغيير يحدث في المتغير المستقل يؤثر مباشرةً في المتغير التابع.

وتتميز بحوث التسويق السببية بقدرتها على تقديم أدلة قوية حول فاعلية استراتيجيات التسويق المختلفة، فعلى سبيل المثال، يمكن للشركات استخدام هذه البحوث لتحديد ما إذا كانت حملة إعلانية جديدة تزيد من المبيعات بالفعل أم لا، بدلًا من الاعتماد على الافتراضات، ومن ثم توجيه القرارات الاستراتيجية من خلال تقديم رؤى دقيقة حول العوامل التي تؤثر مباشرةً على أداء النشاط التجاري بالسوق.

  • بحوث التسويق التنبؤية

يهدف هذا النوع من أبحاث التسويق إلى استخدام البيانات والتحليل الإحصائي للتنبؤ باتجاهات السوق المستقبلية وسلوك المستهلكين اعتمادًا على تقنيات متقدمة مثل التحليل التنبؤي، والتعلم الآلي، والنماذج الإحصائية لتحليل البيانات التاريخية والحالية بغرض تقديم توقعات دقيقة حول ما قد يحدث في المستقبل لمساعدة الشركات على اتخاذ قرارات مستنيرة فيما يتعلق بالتسويق، مثل تحديد أفضل الأوقات لإطلاق منتجات جديدة، وتحديد الأسواق المستهدفة، وتطوير استراتيجيات تسويق فعالة.

وتتضمن بحوث التسويق التنبؤية جمع وتحليل كميات كبيرة من البيانات من مصادر متعددة مثل سجلات المبيعات، وبيانات العملاء، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبيانات الاقتصادية ثم العمل على تطبيق نماذج رياضية وخوارزميات لتحليل هذه البيانات واستخلاص الأنماط والاتجاهات، بما يسهم في التنبؤ بالتغيرات في سلوك المستهلكين، وتحديد الفرص والتحديات المستقبلية، وتعزيز قدرة الأنشطة التجارية على المنافسة المستدامة بالسوق.

أنواع بحوث التسويق من حيث النوعية والكمية

يعمل هذا النوع على جمع بيانات ومعلومات غير قابلة للقياس بهدف دراسة السلوك الخاص بالمستهلكين، وفهم الظواهر التسويقية بعمق. وتُستخدم هذه البحوث عادةً في المراحل الأولى من تطوير المنتجات أو استراتيجيات التسويق لفهم احتياجات العملاء وتفضيلاتهم، حيث إنها توفر رؤى غنية وعميقة حول أسباب وتفضيلات وسلوكيات العملاء، مما يساعد الشركات على تطوير استراتيجيات تسويق أكثر فاعلية وكفاءة.

وعلى عكس البحوث الكيفية أو النوعية، تعمل البحوث الكمية على جمع بيانات ومعلومات قابلة للقياس من أجل فهم ظاهرة معينة لدعم الاستراتيجيات التسويقية. وتعتمد الأنشطة التجارية المختلفة على هذه البحوث لتقدير حجم السوق، وتقييم الأداء التسويقي، وتحديد الفرص التسويقية الجديدة، وكذلك قياس تأثير حملات التسويق المختلفة.

وربما يتبادر لذهنك سؤال مهم يتعلق بكيفية إجراء أبحاث التسويق لنشاطك التجاري، وهو ما سنجيب عنه بالفقرة الآتية.

خطوات أساسية ينبغي المرور بها لإجراء أبحاث التسويق لنشاطك التجاري باحترافية

1. تحديد المشكلة أو الفرصة التسويقية

وهي الخطوة المحورية في عملية أبحاث التسويق، حيث يتم  من خلالها فهم السياق التجاري بصورة أعمق وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسين أو الاستفادة من الفرص المتاحة. فعلى سبيل المثال، قد تواجه مشكلة في انخفاض المبيعات أو ترغب في استكشاف سوق جديد، ما يستلزم الفهم الدقيق للمشكلة أو الفرصة المتاحة للمساعدة في توجيه البحث وتركيزه على النقاط المهمة. فبدون تحديد المشكلة أو الفرصة بدقة، تكون جهود البحث غير فعالة أو موجهة بصورة خاطئة، مما يؤدي إلى إهدار الموارد والوقت.

ولتطبيق هذه الخطوة باحترافية لا بد من:

  • استشارة فرق العمل المختلفة للحصول على وجهات نظر متنوعة للمساعدة في تحديد جميع أبعاد المشكلة أو الفرصة المتاحة.
  • تحليل البيانات التاريخية والأبحاث السابقة لتوفير رؤية أوضح.
  • التركيز على المشكلات أو الفرص التي لها تأثير كبير على أهداف النشاط التجاري ونموه المستقبلي.
  • استخدام الخرائط الذهنية والرسوم البيانية لشرح المشكلة أو الفرصة المتاحة ومدى تأثيرها في النشاط التجاري.

2. وضع أهداف البحث

فبعد تحديد المشكلة أو الفرصة التسويقية المتاحة، ينبغي العمل على وضع أهداف واضحة للبحث لضمان تحقيق النتائج المرغوبة بفاعلية، فعلى سبيل المثال، إذا كانت المشكلة هي انخفاض المبيعات، فقد يكون الهدف هو فهم أسباب هذا الانخفاض وتقديم توصيات لزيادة المبيعات بنسبة معينة.

وتتجلى أهمية هذه الخطوة في أنها تساعد على تحديد نطاق البحث وضمان تركيز الجهود على الجوانب الأكثر أهمية، فضلًا عن تسهيل عملية تقييم النتائج لاحقًا والتأكد من أن البحث يحقق الغرض المطلوب.

ويمكنك الاستعانة بهذه النصائح لتطبيق هذه الخطوة بصورة صحيحة:

  • اعتمد على نموذج الأهداف الذكية SMART، بحيث تكون محددة، وقابلة للقياس، وواقعية، وذات صلة، ومحددة بزمن.
  • حدد مؤشرات الأداء الرئيسية المُعْتَمَد عليها لتقييم مدى تحقيق الأهداف البحثية.
  • تأكد من أن الأهداف مرتبطة بصورة مباشرة بالمشكلة أو الفرصة المحددة.
  • تأكد من أن لديك الموارد اللازمة لتحقيق الأهداف الموضوعة بكفاءة.

3. اختيار منهجية البحث المناسبة

تعتمد هذه الخطوة المهمة على الفهم الجيد لنوع البيانات المطلوبة وكيفية جمعها بطريقة فعالة، فهل ستعتمد على الأساليب النوعية أم الأساليب الكمية أم ستدمج فيما بينهما؟ فينبغي اختيار المنهجية التي تتناسب مع نوع المشكلة أو الفرصة والأهداف المحددة لضمان جمع بيانات دقيقة وموثوقة، مما يعزز من جودة النتائج والتوصيات، ويسهم في الحصول على رؤى عميقة ومفيدة يمكن أن تدعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية فضلًا عن تعزيز كفاءة واستدامة البحث من حيث الوقت والموارد المستخدمة.

فلا بد من:

  • استشارة الخبراء المتخصصين لتحديد أفضل منهجية تتناسب مع مشكلاتك أو الفرص المتاحة.
  • استخدام مزيج من الأساليب المنهجية المختلفة في أبحاث التسويق للحصول على رؤية شاملة.
  • تقييم الموارد المتاحة للتأكد من أن لديك الموارد اللازمة لتنفيذ المنهجية المختارة.
  • الاطلاع على بحوث التسويق والدراسات السابقة في نفس المجال لاختيار أفضل ممارسات البحث.
  • إجراء اختبار أولي للمنهجية المختارة على عينة صغيرة للتحقق من مدى فاعليتها.

4. تصميم أدوات البحث وجمع البيانات

بعد اختيار المنهجية، تأتي خطوة تصميم الأدوات التي ستستخدم لجمع البيانات بما يشمل الاستبيانات، ونماذج المقابلات، وأدوات الرصد والمراقبة. ويجب أن تكون هذه الأدوات مصممة باحترافية لضمان جمع بيانات دقيقة وموثوقة، وأن تكون الأسئلة واضحة وغير متحيزة للمساعدة في دقة النتائج والتوصيات والحصول على رؤى دقيقة حول المشكلة أو الفرصة المتاحة.

5. تحليل البيانات

بعد جمع البيانات، تأتي هذه الخطوة المهمة التي تهتم بتحليل ما تم تجميعه من بيانات لاستخراج الأنماط والرؤى المفيدة اعتمادًا على أدوات وبرامج تحليل البيانات مثل SPSS أو Excel لتحليل البيانات الكمية، بينما يمكن استخدام تقنيات تحليل النصوص لتحليل البيانات النوعية لفهم العلاقات بين المتغيرات واستخراج الأنماط التي يمكن أن تكون مفيدة في اتخاذ القرارات.

وللاستفادة من هذه الخطوة يمكنك الأخذ بهذه النصائح

  • تحقق من دقة البيانات عبر تنقيتها وتصحيح أي أخطاء قبل عملية التحليل.
  • ابحث عن الأنماط والتوجهات في البيانات لفهم العلاقات بين المتغيرات المختلفة والخروج بنتائج تخدم نشاطك التجاري.
  • قارن النتائج مع الأبحاث السابقة للتحقق من صحة الاستنتاجات.
  • تأكد من أن التحليل يشمل جميع البيانات المتاحة لتجنب التحيز.

6. تنفيذ التوصيات ومراقبة النتائج

بمجرد الانتهاء من بحوث التسويق، لا بد من تنفيذ التوصيات المستخلصة من البحث، فيجب وضع خطة تنفيذية تشمل تحديد المسؤوليات وتوزيع المهام وفق جدول زمني، ثم العمل على مراقبة النتائج لمعرفة مدى تأثير التوصيات على أداء النشاط التجاري وإجراء تعديلات إذا لزم الأمر.

ونشير إلى أن البحوث التسويقية لها العديد من الفوائد نستعرض بعضها فيما يلي.

أهمية بحوث التسويق للأنشطة التجارية

تلعب أبحاث التسويق دور محوري في إنجاح وتنمية الأنشطة التجارية المختلفة حيث تفيد في:

  • فهم السوق والعملاء:

تساعد بحوث التسويق العلامات التجارية على فهم احتياجات ورغبات العملاء وتفضيلاتهم، فمن خلال دراسة سلوك المستهلكين وعاداتهم الشرائية والممارسات والردود الفعل، يمكن للشركات تحديد المنتجات والخدمات التي تلبي تلك الاحتياجات بصورة أفضل وتطوير استراتيجيات التسويق الملائمة.

  • تحديد الفرص وتقييم المنافسة:

تساعد بحوث التسويق الأنشطة التجارية في تحديد الفرص التجارية المحتملة والمناطق الجديدة للنمو من خلال تحليل السوق وتقييم المنافسة وتحديد نقاط القوة والضعف في منتجاتها وخدماتها مقارنة بالمنافسين، وبناء استراتيجيات تسويق تساعدها في تعزيز الميزة التنافسية.

  • تطوير المنتجات والابتكار:

توفر بحوث التسويق تفاصيل قيمة حول احتياجات السوق واستجابة العملاء للمنتجات والخدمات الحالية. فيمكن استخدام هذه المعلومات لتحسين المنتجات الحالية أو تطوير منتجات جديدة تلبي الاحتياجات غير الملباة وتفتح أبوابًا للابتكار.

  • تخطيط استراتيجيات التسويق:

تعمل بحوث التسويق كأداة مساعدة في تحديد استراتيجيات التسويق الفعالة، فمن خلال فهم سلوك العملاء وأسباب شراءهم وقنوات التسويق المفضلة لديهم، يمكن للشركات توجيه جهودها التسويقية بصورة أكثر فاعلية وتحقيق نتائج أفضل.

  • تقييم فاعلية التسويق:

تساعد بحوث التسويق في قياس وتقييم فاعلية استراتيجيات التسويق المختلفة عبر تحليل تأثير حملات التسويق وإعلاناتها وتقييم أداء المنتجات والخدمات على أساس الردود والمبيعات والعوائد المالية، ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأداء.

وعلى الرغم من تلك الفوائد الكبيرة لأبحاث التسويق، إلا أن هناك العديد من المشكلات التي تحول دون تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الأداة الحيوية.

أبرز مشاكل بحوث التسويق وحلول عملية للتغلب عليها

تتعدد المشكلات المتعلقة بالبحوث التسويقية ومنها على سبيل المثال:

صعوبة الوصول إلى بيانات دقيقة

تعاني الكثير من الأنشطة التجارية من صعوبة الوصول إلى بيانات دقيقة وموثوقة بسبب قلة المصادر الموثوقة التي يمكن الاعتماد عليها أو عدم تحديث البيانات بصفة دورية، ما يؤدي إلى نتائج خاطئة تؤثر سلبًا على اتخاذ القرارات التسويقية.

وللتغلب على هذه المشكلة لا بد من:

  • الاعتماد على مصادر متعددة لتأكيد دقة البيانات بما يشمل مصادر البيانات الأولية مثل الاستطلاعات والمقابلات، ومصادر البيانات الثانوية مثل التقارير والدراسات السابقة.
  • استخدام تقنيات تحليل البيانات المتقدمة مثل التحليلات التنبؤية وتحليل البيانات الضخمة لتحسين دقة البيانات وتقليل الاعتماد على مصادر بيانات غير موثوقة.
  • التحقق الدوري من البيانات المستخدمة في البحوث لضمان تحديثها ودقتها عبر مراجعة البيانات باستمرار وإجراء تعديلات عند الضرورة.
  • التعاون مع مؤسسات بحثية ومراكز دراسات متخصصة للحصول على بيانات أكثر دقة وموثوقية.

التكاليف العالية لأبحاث التسويق

تعتبر بحوث التسويق مكلفة للغاية، حيث تتطلب عملية جمع البيانات وتحليلها موارد مالية وبشرية كبيرة، ما يمثل عائقًا أمام الأنشطة التجارية الصغيرة والمتوسطة للعمل على بحوث تسويقية فعالة.

ولحل هذه المشكلة لا بد من:

  • الاستفادة من التكنولوجيا لتقليل تكاليف بحوث التسويق بما يشمل استخدام الأدوات الرقمية لجمع البيانات وتحليلها، مثل الاستطلاعات عبر الإنترنت وتحليلات وسائل التواصل الاجتماعي.
  • تعاون العلامات التجارية مع بعضها البعض لإجراء بحوث تسويقية مشتركة، مما يقلل من التكاليف ويزيد من فعالية البحوث.
  • استخدام منصات البحث القائمة على السحابة لتقليل تكاليف البنية التحتية وتحسين الكفاءة في جمع وتحليل البيانات.
  • الاستفادة من البيانات المتاحة فعليًا في قواعد بيانات العملاء الحالية ووسائل التواصل الاجتماعي لتقليل الحاجة إلى جمع بيانات جديدة.

التغيرات السريعة في السوق

تواجه العلامات التجارية المختلفة تحديًا كبيرًا يتمثل في التغيرات السريعة التي تحدث في السوق والتي تؤدي إلى تقادم البيانات بسرعة، مما يجعل من الصعب الاعتماد عليها لاتخاذ قرارات تسويقية فعالة.

ويتطلب التغلب على هذه المشكلة:

  • إجراء بحوث سوقية مستمرة بدلًا من البحوث الدورية لضمان تحديث البيانات بصفة دائمة ومواكبة التغيرات السريعة في السوق.
  • استخدام التحليلات التنبؤية للتنبؤ بالتغيرات المحتملة في السوق والتكيف معها بصورة أسرع وأكثر فاعلية.
  • إنشاء نظام لمراقبة الاتجاهات السوقية بصفة دورية وتحديث استراتيجيات التسويق بناءً على البيانات الجديدة.
  • استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات التحليل في الوقت الفعلي للحصول على ردود فعل فورية من العملاء وضبط الاستراتيجيات التسويقية بناءً على هذه الردود.

تفسير البيانات بصورة خاطئة:

تواجه بعض الأنشطة التجارية مشكلة في تفسير البيانات، مما يؤدي إلى استنتاجات غير دقيقة قد تؤثر سلبًا على القرارات التسويقية. ويرجع هذا الأمر نتيجة لنقص الخبرة أو استخدام أساليب تحليل غير مناسبة، ما يستلزم:

  • استخدام أدوات تحليل متقدمة مثل البرمجيات التحليلية والذكاء الاصطناعي لضمان تفسير البيانات بدقة وتقليل الأخطاء في الاستنتاجات.
  • استخدام تقنيات التحليل المتقاطع للتحقق من صحة البيانات من خلال مقارنة النتائج بأكثر من طريقة تحليلية لضمان دقتها.
  • تدريب الفرق على التحليل عبر تقديم دورات تدريبية للفرق المسؤولة عن بحوث التسويق لتحسين مهاراتهم في تحليل البيانات وتفسيرها بصورة صحيحة.

عدم وضوح الأهداف البحثية

تعاني بعض الأنشطة التجارية لا سيما الصغيرة من عدم وضوح الأهداف البحثية نتيجة لنقص الخبرة، ما يؤدي إلى جمع معلومات غير دقيقة ومن ثم صعوبة الوصول إلى نتائج مفيدة.

ومن أجل التغلب على هذه المشكلة ينبغي:

  • تحديد الأهداف بوضوح قبل بدء البحث، وضمان أن تكون هذه الأهداف قابلة للقياس والتحقيق.
  • استخدام إطار عمل بحثي منظم للمساعدة في تحديد الأهداف والأسئلة البحثية بوضوح وتوجيه عملية جمع البيانات.
  • مراجعة الأهداف دوريًا لضمان أنها ما زالت مناسبة وذات صلة بالتغيرات الحاصلة في السوق.

كلمة أخيرة

تعتبر أبحاث التسويق بمثابة العمود الفقري لأي نشاط تجاري، فهي أداة حيوية لا غنى عنها للشركات والمؤسسات التي تسعى لتحقيق النجاح في أسواق شديدة التنافسية، فمن خلال الفهم الدقيق لاحتياجات وتفضيلات العملاء، يمكن للأنشطة التجارية تطوير استراتيجيات تسويقية فعّالة تُعزز من ولاء العملاء وتزيد من حصتها السوقية. فاستثمار الوقت والموارد في أبحاث التسويق يمكن أن يؤدي إلى قرارات أكثر ذكاءً ونجاح أكبر على المدى الطويل بفضل  الابتكار وتطوير منتجات جديدة تسهم في تلبية احتياجات العملاء، مما ينعكس إيجابيًا على تجربة المستهلكين وجودة حياتهم.

قارن أسعار أكثر من ٢٠ شركة شحن وتوصيل في السعودية!